ياسر ربايعة.. سجن وسرطان
رام الله- في العام 2017، نُقل ياسر ربايعة من بلدة العيزرية شمال شرق القدس الى مستشفى "برزلاي" الإسرائيلي بعد تكرار حالة الإغماء وفقدان الوعي التي تعرض لها، ليعود أدراجه الى معتقل "عسقلان" دون تشخيص لحالته الصحية.
تفاقمت حالة ربايعة الصحية مع مرور الأيام، وبدأ يلحظ خروج كتل من الدم مع البراز، يرافقها آلام أسفل البطن، ودوخة وانهاك شديدين، ما أجبر إدارة المعتقل لنقله للمستشفى مرة أخرى، وإجراء فحوصات وصور طبقية له، ليتبين إصابته بورم سرطاني في القولون.
لكن الإدارة أعادته الى المعتقل، واكتفت بإعطائه أدوية ومسكنات، دون تدخل طبي بإجراء عملية جراحية له.
مرت الأيام ثقيلة على ربايعة المعتقل منذ عام 2001 والمحكوم بالسجن المؤبد و10 أعوام، ولم يعد يقوى على الحركة، ويئن طوال الليل من شدة الألم والوجع، وكان يعتمد في قضاء حوائجه على الأسرى، وسط إهمال دام عاما كاملا.
بعد ذلك، رضخت إدارة السجن لمطالب الأسرى بضرورة إجراء عملية جراحية له، حيث تم استئصال جزء من القولون أسفل البطن، ووضع كيس له عبر توصيله مع الأمعاء لجمع الفضلات والذي سيبقى ملازما له طوال الحياة.
عانى ياسر كثيرا، وتعرض لإهمال ومماطلة بشكل رهيب، حيث كان من المفترض أن يتم تغيير الكيس يوميا، ولكن إدارة السجن لم تكترث لذلك، وصارت تبدله له مرة أسبوعيا، ما تسبب له بالتهاب في الأمعاء، وأوجاع شديدة، أجبرته على تنظيفه لوحده كل يوم، رغم صعوبة الأمر، هذا ما تقول زوجته فاطمة ربايعة.
وتضيف: هذا المرض بحاجة لعلاج ومتابعة دورية، من أجل الاطمئنان على وضع القولون لديه، وخشية من انتشاره في جسمه، ولكن إدارة سجون الاحتلال كانت تنقله كل عدة أشهر لعمل الفحوصات.
لم تتمكن فاطمة من رؤية زوجها عدة أشهر بعد إجراء العملية له عام 2018، وهو ما سبب لها خوفا وقلقا شديدين، غابت الابتسامة عن البيت، وكانت تتنظر مع أولادها محمد (21 عاما)، ونوار (22 عاما) اللحظة التي تتمكن من زيارته.
وأردفت: سمح لي بزيارة زوجي بعد ثلاثة أشهر، وكنت فرحة، لكن عندما رأيته بكيت، كان يسير ببطئ، وبجانبه كيس معلق، وقد بدى عليه التعب، كأنه ليس هو، فياسر كان شديد النشاط والحيوية قبل اعتقاله، وهو الآن بالكاد يستطيع التحرك.
وتؤكد: هذه ليست المرة الأولى التي يعاني فيها زوجي من أمراض، ففي عام 2014 تبين معه التهاب الكبد "اليرقان"، وقد اجريت له عملية لاستئصاله أيضا".
يحاول ياسر في كل زيارة إخفاء آلامه وأوجاعه قدر المستطاع، حتى لا يظهر ذلك لزوجته وأولاده، لكن فاطمة تعلم أنه يتألم، وترى ذلك عندما لا يستطيع الجلوس على الكرسي لوقت طويل، ويقوم ويتكئ على الزجاج العازل في الزيارة.
"لم يعتد ياسر على الكيس أبدا، ويتضايق منه كثيرا خاصة وقت النوم، ويتمنى لو بالإمكان الاستغناء عنه، وقد طلب مني في إحدى الزيارات أن استشير أطباء الأورام السرطانية حول إذا ما كان بالإمكان التخلص منه، لكنهم أكدوا ضرورة أن يلازمه دائما".
في الآونة الأخيرة، طرأ تحسن طفيف على حالة ياسر الصحية مقارنة بالسابق، لكنه ما زال يعاني من آلام في الرأس والمفاصل، واصفرار في الوجه وبحاجة لمتابعة طبية.
وتقول "هذه الفترة طويلة جدا، وكنت مجبرة على تحمل المسؤولية، وتربية طفلين، ولكن هذه هي الحياة، وهذا هو الاحتلال، حرمنا من عامود البيت والحنان".
ويقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 4450 معتقلا، بينهم 600 معتقل مريض، منهم 22 معتقلا مصابا بأورام سرطانية.