معادلة الغنوشي نسي أنه ليس الرئيس

معادلة الغنوشي نسي أنه ليس الرئيس

معادلة الغنوشي نسي أنه ليس الرئيس

 

حمدي فراج

تراجع الغنوشي “80 عاما” قليلا عن لغته التصعيدية ضد الرئيس قيس سعيد ، والتي حملت في مطلعها عقب اصدار القرارات لهجة تهديدية بأن يطلب من الناس النزول الى الشوارع ، وكان هذا بحد ذاته ايعازا مباشرا للرعاع كي يهيئوا انفسهم لأعمالهم المعتادة عبر التاريخ البشري كله ؛ القتل والنهب والحرق والسلب والسحل والغصب، فإذا كانوا مسلمين حرقوا الكنائس ، واذا كانوا مسيحيين حرقوا المساجد ، رغم انهم ابناء شعب واحد ، ورغم ان هذه وتلك “المساجد والكنائس” هي بيوت الله . وكان احد المفكرين العرب قد عد الرعاع “الجماهير، الشعب، الناس” انهم الضلع الاخطر في مثلث الانظمة الديكتاتورية ؛ الضلعان الآخران هما الطاغية والداعية . فأي نظام عربي لا يوجد فيه هذا المثلث ؟

الدين عموما هو علاقة الانسان بربه ، وهي علاقة مميزة ومقدسة ، ولكنها اولا على آخر هي علاقة خاصة بمعنى انها علاقة خصوصية، لا يستطيع اي كان سبر عمق غورها، فالدين السماوي شيء مختلف عن الدين غير السماوي كالهندوسي او الصيني او الفارسي او البوذي، وحتى الدين السماوي يختلف فيه الاسلامي عن المسيحي عن اليهودي في كيفية اقامة تلك العلاقة ، ولهذا ترى الاختلافات حتى بين دور العبادة ذاتها من كنيس الى كنيسة الى مسجد . إن هذا ما دفع اوروبا التي تدين غالبيتها بالمسيحية ان تدفع بها ما بعد عصور الظلام والجرائم التي ارتكبتها بحق شعوبها وشعوب غيرها الى مكانها الطبيعي “الكنيسة”، ومن بعدها بدأت اوروبا تتحرر من سطوة الكنيسة وبدأت تنعم بالنور بدلا من الظلام.

الغنوشي زعيم حركة دينية سنية متماثلة مع حركة الاخوان المسلمين ، ورغم ان حركته اخفقت في الانتخابات الرئاسية التي خاضها نائبه عبد الفتاح مورو امام قيس سعيد ، ورغم ان الغنوشي طرح شعارا منافيا للدين الاسلامي : لن نفرض الحجاب ولن نمنع البيكيني ، الا انه استمر في المنافسة على مقاليد الحكم ومفاصل الدولة . الناس في كل العصور وكل الاوقات تستمريء الاسهل ، تستمريء الحرية والتحرر من كل قيد بما في ذلك قيود الدين والقبيلة والتقاليد ، تبحث عن لقمة عيش غير مغمسة بالذل ، ولهذا أطلق عمر بن الخطاب قوله الخالد : متى استعبدتم الناس وقد خلقتهم امهاتهم احرارأ ، احرارا حتى من ملابسهم، وقد يكون الغنوشي قد ادرك كنه قول الخطاب، وقال ما قاله عن الحجاب والبيكيني ، الا اذا كان يدجل على الناس وعلى الدين في وقت واحد.

أحد معارفي من فلسطين، وصله الايعاز الغنوشي، فكتب على صفحتي: انت مش شايف انه القيس سعيد هو من اطلق النار على الحريات و الديمقراطية ، و لكن بصدق اقول تنظيم الاخوان تنظيم يستحق كل ما يحصل له لانه صدق كذبة الديمقراطية و نسي ان العصا هي الحل للمنقلبين على الديمقراطية . جيد ان صاحبي اختار “العصا” لا شيئا آخر.