السيدة ملعقة..أعتذر

السيدة ملعقة..أعتذر

 

بقلم: أمجد التميمي

لم نكن قبل يوم الإثنين الموافق للسادس من أيلول/سبتمبر الجاري، نولي كبير أهمية للملاعق، اللهم إلا كجسر يمتد بين أيدينا وأفواهنا، لنغرف ما لذ وطاب على موائد نملاْ بها كروشنا.

أما بعد هذا التاريخ المجيد فقد تغيرت نظرتنا للسيدة ملعقة، إذ توجت ملكة على عروش أفئدتنا، واستحوذت على ألبابنا.

وأنا لا أعني هنا "السيدة ملعقة" بطلة المسلسل الكرتوني الياباني الذي كنا نتابعه بشغف أطفالاً في حقبة الثمانينيات وامتد بثه لنحو أربعة عقود، ولا يذهب مقصدي إلى تلك الملاعق المذهبة والفضية من ماركات على غرار: سولينغن، وروبرت ولش، أو بيرغوف، أو لارا أو نيتفا، أو رادفورد برايت، فهذه الماركات لا تعنينا نحن المجبولين بتراب الأرض. هذه الماركات من الملاعق مكانها هناك في خزائن البيوتات الأرستقراطية، وعلى موائد الأثرياء يستخدمونها وفق حسابات دقيقة، ويخرجونها من أطقمها الفارهة في مناسبات قد لا تخطر على بال أي منا.

السيدة ملعقة أو المعلقة باللهجة المحكية المحلية، هي التي أرفع لها القبعة عالياً، وهي التي تعنيني في المقام الأول، ذلك أنها من طينتنا، ولأنها طوعت وتطوع نفسها لخدمة أبطال: شطة "جلبوع"، والنقب الصحرواي؛ ونفحة؛ وعسقلان، ومجدو، وعوفر، والرملة، والمسكوبية، وغيرها.    

السيدة ملعقة التي أجلها وأقدرها هي التي نبشت الأرض بكل صبر وأناة، لتشق للأبطال نفقاً للحرية.. وهي التي فهمت لغة اليد الشريفة، وهي التي تمد عنقها للشمس لتضيء للأبطال درب الحرية.. الملعقة التي أعنيها هنا روح وجسد ومشاعر وعواطف ولحم ودم.

أعتذر شديد الاعتذار للسيدة ملعقة على تقصيري بحقها، وعلى عدم تقديري لدورها في الحياة، وأعاهدها أنني منذ اليوم، منذ اللحظة سأغير نظرتي لها، وسأضعها في مكانة عالية تستحقها، وسأحرص كل الحرص أن لا أضعها في طبق يقلل من قيمتها.

سلمت الملعقة التي حفرت ونبشت..وسلم الساعد الذي عرف قيمتها قبل أن نتنبه جميعا لهذه القيمة.

قد يقول قائل: إن دور الملعقة لم يتضح حتى الآن، فنجيب: "حتى وإن كان فإننا في هذا المطرح سنخوض مع الخائضين.