"أمريكا تتراجع... فلسطين تتقدم"

"أمريكا تتراجع... فلسطين تتقدم"

بقلم: الأسير أسامة الأشقر

 لن نعلن الانتصار على أمريكا فهذا لن يكون من المنطق في شيء ولكن يجب أن نسجل في لوحة التاريخ أن أصحاب الحق مهما اشتدت حلكة الليل ظلمة وتكالبت عليهم كل أشكال الظلم يبقوا أقوياء، وإذا ما امتلكوا الإرادة والتصميم والثبات على الموقف المبدئي لا بد أن يأتي اليوم الذي يعترف بحقهم وبصدق موقفهم. اليوم وبعد أكثر من أربع سنوات كانت مريرة على الشعب الفلسطيني الذي لم يترك أي نوع من العقوبات إلا وجرب عليه تخرج وزارة الخارجية الأمريكية باستنتاج واضح مفاده أن العقوبات الأمريكية لم تؤدِ غرضها وأن الشعب الفلسطيني وقيادته لم يتنازلا وأن العقوبات الأمريكية لم تفلح في إجبار الفلسطينيين على التخلي عن مطالبهم المحقة والعادلة.

هذا الاستنتاج الأمريكي له ما بعده ففي المدى القريب والمتوسط سيترتب عليه تعاطي مختلف من قبل كافة القوى في المنطقة والعالم مع القضية الفلسطينية، فالسنوات الأربع الماضية غيرت الكثير لدى قوى عديدة اعتقدت أن الملف الفلسطيني قد طوي وتم الانتهاء منه بحيث سيتم مراجعة بعض السياسات الخاطئة تجاه الشعب الفلسطيني، مما يجعلنا في مقدمة الملفات هذه المرة أيضاً، وهذا ما يجعل من الحراك الفلسطيني الداخلي وخاصة إجراء الحوارات الفلسطينية، ومن ثم إجراء الانتخابات بكل مستوياتها أمر غاية في الأهمية كي نكون قادرين على التعاطي مع متطلبات المرحلة القادمة وأن نكون جاهزين للاستحقاقات المصيرية المقبلة.

إن كون أمريكا اعترفت بفشل سياساتها تجاه الفلسطينيين وتراجعها عنها لا يعني أننا قد أنجزنا التحرر وانتهى الأمر فمرحلة الصمود السياسي يجب أن يتم البناء عليها على الأرض بحيث نعمل بجهد أكبر على بناء قاعدة جماهيرية وحراك شعبي في مختلف أماكن التواجد الفلسطيني وخاصة في الضفة الغربية والقدس المحتلة لمنع ووقف المخططات الاحتلالية للاستيلاء على الأرض الفلسطينية، فما يحدث على الأرض الفلسطينية ليس من باب الصدفة وما يقوم به جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين هو انعكاس مباشر لمرحلة سياسية استغلتها إسرائيل أفضل استغلال لفرض الحقائق على الأرض في ظل الغطاء السياسي الأمريكي، إن الانتخابات الفلسطينية من الاستراتيجية الفلسطينية الهادفة للتحرير وإقامة الدولة الفلسطينية لذلك لا يجب ولا بأي حال من الأحوال توجيه كل الأنظار لجهة إنجاح الانتخابات القادمة على حساب باقي القضايا المصيرية الأخرى، بل العكس تماما ففي المرحلة الحالية يجب أن يتم العمل بكل الطاقات الممكنة لتنويع أشكال الصمود وأن تكون الاستراتيجية الفلسطينية ذات أوجه عديدة وفي مختلف السياقات السياسية والجماهيرية لكي نستطيع القول فعلا أن فلسطين تتقدم وأن مرحلة الصمود والثبات السياسي أنتجت سياسات رديفة على الأرض تعطي دافعاً حقيقياً للشعب الفلسطيني بعد هذه الفترة العصيبة التي مر بها، فالظروف السياسية والاقتصادية التي عانى منها شعبنا انعكست بشكل مباشر على تعاطيه مع القضايا الوطنية وخاصة قضية الاستيطان المستشري بالأرض الفلسطينية والذي يجب أن تتم مواجهته بكل الوسائل والأساليب وخاصة الجماهيرية والشعبية الشاملة وليست الموضعية المحددة في أماكن جغرافية معينة.

خلاصة القول إن تقدم فلسطين يكون من خلال انسجام الفعل السياسي مع العمل الشعبي الجماهيري كي تكون النتائج التي نسعى لتحقيقها بمستوى تضحيات هذا الشعب.