منتصر جبريني.. فلسطينيٌّ جفّ حلقه فرواه بالموسيقى

منتصر جبريني.. فلسطينيٌّ جفّ حلقه فرواه بالموسيقى

منتصر جبريني.. فلسطينيٌّ جفّ حلقه فرواه بالموسيقى

رام الله- خبر 24

كتبت:أحرار جبريني
"فتحت عيني ذلك الصباح، كان الثلج يغطي المساحات الخضراء والأرصفة الحجرية والحدائق والمعهد العالي للموسيقى ودار الأوبرا والبيوت الصغيرة والكبيرة، وكانت الدنيا مظلمة على مد البصر، عندما مشيت على هذا الثلج الأبيض شعرت بأنني أتجمد لكن ليس برداً بل من قسوة الناس واختلاف الثقافات، ففي بلدي فلسطين طبيعة الناس دافئة كشمس تموز، أما هنا في "أونجيه" المدينة الفرنسية فطبيعة الناس مثل بلورات الثلج والصقيع، لم يكن التكيف والتأقلم سهلا عليَّ في أول شتاء لي في فرنسا، لقد عانيت من برودة الناس والطقس في آن واحد"

اسمي منتصر جبريني، عمري (٢٩) عاماً، فلسطيني الجنسية، وأصولي تعود لأكراد مدينة يافا، أبيض البشرة، طولي لا يتجاوز الـ١٧٦سم، ووزني ٩٤ كغم، من مواليد مدينة نابلس، وسكان مدينة رام الله، تلقيت تعليمي الجامعي في معهد مدينة أونجيه الفرنسية للموسيقى، وحاصل على درجة (CEM) في تخصص العزف على آلة الكلارينت وقيادة الأوركسترا.

بدأ شغف جبريني بحب الموسيقى وتعلقه بها منذ كان في عمر الثالثة عشر، عندما التقى بالموسيقي وعازف الفيولا الفلسطيني رمزي أبو رضوان وزملائه الموسيقيين الأجانب من مختلف أنحاء العالم في إحدى ورش العمل الصيفية التعريفية بالموسيقى في رام الله، كانت المرة الأولى التي يشاهد فيها آلات موسيقية حقيقية على أرض الواقع، بعض الموسيقيين سمح له ولزملائه بتجربة العزف على العديد من الآلات الموسيقية، فشعر بالذهول والدهشة والفرح عندما لمس أوتار آلة الهارب (القيثارة) فلمعت عيناه وأيقن في هذه اللحظة أنه يريد تعلم الموسيقى والعزف، وبعدها التحق بمعهد الكمنجاتي للموسيقى في مدينة رام الله وبدأ تعلم العزف على رفيقة دربه آلة الكلارينت.

عندما أنهى منتصر تعليمه الثانوي حصل على منحة دراسية لتعلم الموسيقى في فرنسا، فسافر بالفعل والتقى بالطلاب الفرنسيين، ذهل بمستوياتهم العالية جدا ولا أُخفي عليكم أنه أصيب بالإحباط، فقد كان يعتقد أنه العازف الأول في فلسطين، عندها أحس بأن ما يعرفه لا يتجاوز قطرة ماء في بحر، ولكنه أيقن أن لا سبيل له سوى التدريب المكثف لكي يصل الى المستوى المطلوب.

حياة الطالب ذو الدخل المحدود في بلاد الغربة، وبعيد عن وطنه كانت صعبة جداً، لكن الصعوبة تلك استطاعت صنع وصقل شخصيته الموسيقية المتينة، فقد استغل جميع الأوقات بالدراسة والبحث والتطور حتى اكتسب المعرفة من كل الموسيقيين الذين التقى بهم وعزف معهم، وأيضا تعلم الإدراك الحسي وتعلم السمع وحسن الإصغاء وترتيب الأفكار واكتشاف الجديد ومواكبة التطور الموسيقي.

وعند انتهاء دراسته الجامعية عاد إلى أرض الوطن وعمل مدرس موسيقى في معهد الكمنجاتي ومعاهد أخرى، حيث اكتشف أن الأطفال والمجتمع ينقصهم الكثير لتعلمه وإدراكه من الناحية الموسيقية بالطريقة الصحيحة، لذلك قرر أن يبني مجتمعه بنشر الثقافة الموسيقية بالطريقة الصحيحة وإلغاء فكرة أن الموسيقى شيء ثانوي في الحياة.

عندما كان طالبا كان دائم البحث عن المعلومة وكثير السؤال وعندما أصبح أستاذا بات متفهما لطبيعة الطلاب ومبادرا بالعطاء وسريعا بتقديم النصيحة لهم.

ومن أهم اللحظات في حياة عازف الكلارينت هي عندما قام بقيادة الأوركسترا في عرض موسيقي لأول مرة في حياته ولاقى نجاحا باهرا، بالإضافة إلى تلك اللحظة الفريدة من نوعها عندما ذهب للعزف في مركز لذوي الاحتياجات الخاصة وقام بعض الأطفال بالرقص على الحان الكلارينت، عندها أعجب برقص طفلة صغيرة لا تتجاوز الـ٨ سنوات، فسأل وقتها عن هذه الطفلة الجميلة فأخبروه العاملين في المركز بأن تلك الطفلة فاقدةً لحاسّة السمع، عندها ذهل الجبريني وأيقن أن الموسيقى فعلا لها تأثير جميل على حياة الإنسان.

آلة الكلارينت هي رفيقة درب جبريني وتمثل له الحياة بحد ذاتها بفرحها وحزنها وذاك الخليط المعقَّد في كثير من النواحي، وعند انتهائه من دراستها والعزف المتقن عليها أصبح يبحث عن التطور فذهب إلى دراسة أكاديمية وعلمية لقيادة الأوركسترا لمدة استمرت ثلاث سنوات، ففتحت له تلك الدراسة آفاقا جديدةً في الحياة.

قائد الأوركسترا أصبح الآن ذو نضج موسيقي عالي المستوى جاء ذلك من خلال الدراسة والمطالعة وعزف مقطوعات كثيرة، كما أنه أصبح عازف كلارينت أول بأوركسترا الكمنجاتي في رام الله، عدا عن اختلاطه بالموسيقيين العالميين.

وطموحه يتمثل في خلق جيل موسيقي قادر أن يعبر عن نفسه بالطريقة الصحيحة.


Share:


آخر الأخبار