تعرّف على أصل عيد الشكر Thanksgiving
عيد الشكر Thanksgiving هو إجازة وطنية في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والهدف منه شكر الله على النعم وحصاد العام الذي قد أشرف على نهاية، وموعد الاحتفال به في كندا يكون يوم الاثنين الثاني من شهر أكتوبر، أما في أمريكا فهو في الخميس الرابع من شهر نوفمبر. وتختلف طقوس الاحتفال به في كل مكان عن الآخر.
يعود تاريخ عيد الشكر إلى الاحتفال الذي أقامه المستعمرون في ما يعرف الآن بمدينة بليموث بولاية ماساتشوستس بعد رحلتهم عبر المحيط الأطلسي على متن سفينة ماي فلاور May Flower الشهيرة.
يصادف هذا العام الذكرى أربع مائة وأربعة لأول عيد شكر أقامه المهاجرون الإنجليز الأوائل في إقليم “نيو إنغلاند” (الواقع شمال شرقي الولايات المتحدة) والذي أصبح رمزاً للمثابرة والتعاون، وجزءاً مهماً من طريقة تفكير الأمريكيين عن تأسيس بلدهم. فقد رسم هؤلاء مكانهم في تاريخ الأمة الأمريكية كناجين شجعان ثابروا وصبروا على الظروف الصعبة بعدما وصلوا إلى الأراضي الأمريكية وتفشت بينهم الأوبئة وتوفي نصفهم في فصل الشتاء، قبل أن يحل خريف ويحتفل الناجين بأول حصاد لمحصول تعلموا زراعته من السكان الأصليين.
جذور عميقة
يعود تاريخ عيد الشكر إلى عام 1621، عندما شارك مستعمرو بليموث وليمة حصاد الخريف التي يتم الاعتراف بها اليوم باعتبارها واحدة من أولى احتفالات عيد الشكر في المستعمرات.
ففي سبتمبر 1620، غادرت سفينة صغيرة تسمى ماي فلاور ميناء بليموث في إنجلترا وعلى متنها 102 راكبًا من الانفصاليين الدينيين الأوروبيين الذين يبحثون عن وطن جديد حيث يمكنهم ممارسة عقيدتهم بحرية.
الرحلة كانت طويلة وشاقة، مات فيها الكثير من المهاجرين حتى وصل القارب فى النهاية إلى شاطيء ولاية ماساتشوستس فى شهر نوفمبر من عام 1621، وكان ذلك في فصل الشتاء. فمات الكثير منهم إما بسبب البرودة الشديدة والأمطار التي لم يعتادوا عليها أو بسبب الجوع لعدم حملهم ما يكفي من الطعام وجهلهم بطرق الصيد والزراعة في هذا الطقس القارس.
نجى 50 شخصًا فقط ولم يساعدهم على الحياة سوى اثنين من الهنود الحمر، سكان أمريكا الأصليين، وهما “ساموست” و”سكوانتو” اللذان كانا يتحدثا الإنجليزية التي تعلماها من أسفارهما إلى بلاد إنجلترا وأوروبا .. فقدما لهم الطعام وعلموهم صيد الطيور والحيوانات والأسماك وزراعة الذرة، كما ساعدوا الكثير منهم في العلاج من الأمراض التي أصابتهم خلال رحلتهم الطويلة.
وبعد عام من وصولهم إلى المدينة التي أطلقوا عليها بليموث، نجح المستوطنون في حصاد أول محصول للذرة. وبهذه المناسبة نظم الحاكم ويليام برادفورد وليمة احتفالية ودعا مجموعة من حلفاء الأمريكيين الأصليين للمستعمرة الوليدة وأقيم أول عيد شكر للأمريكيين عام 1621 واستمر الاحتفال لمدة 3 أيام.
“أم عيد الشكر”!
أقيم الاحتفال الثاني بعيد الشكر في عام 1623 بمناسبة انتهاء فترة جفاف طويلة كانت تهدد موسم حصاد العام ودفعت الحاكم برادفورد إلى الدعوة إلى الصوم الديني ثم أصبحت أيام الصيام والشكر السنوية ممارسة شائعة في مستوطنات نيو إنغلاند الأخرى أيضًا.
وفي عام 1789 أصدر جورج واشنطن أول إعلان عيد الشكر من قبل الحكومة الوطنية للولايات المتحدة؛ ودعا فيه الأمريكيين للتعبير عن امتنانهم للنهاية السعيدة لحرب الاستقلال في البلاد والتصديق الناجح على دستور الولايات المتحدة، ثم في عام 1817، أصبحت نيويورك أول ولاية تتبنى رسميًا عطلة عيد الشكر السنوية؛ احتفلت الولايات الأخرى كل منهم في يوم مختلف.
وفي عام 1827، أطلقت الكاتبة سارة جوزيفا هيل حملة لإعلان عيد الشكر باعتباره عطلة وطنية رسمية تجتمع فيها جميع الولايات الأمريكية، وعلى مدار 36 عامًا، نشرت العديد من المقالات الافتتاحية وأرسلت عشرات الرسائل إلى الحُكام وأعضاء مجلس الشيوخ والرؤساء وغيرهم من السياسيين، مما جعلها تُلقب بـ «أم عيد الشكر»، وأخيرًا استجاب أبراهام لنكولن لطلبها في عام 1863، وحدد موعده في الخميس الأخير من نوفمبر.
اقترح الرئيس الثاني والثلاثين للولايات المتحدة فرانكلين روزفلت في عام 1939 أن يتم تقديم العطلة أسبوعًا عن موعده العادي، فقد أراد بذلك إطالة فترة التسوُّق وشراء اللوازم من أجل عيد الميلاد، في محاولة لتحفيز مبيعات التجزئة خلال فترة الكساد الكبير، إلا أن خطته قوبلت بمعارضة شديدة.
وانتقل الاحتفال من الولايات المتحدة الأمريكية إلى دول أخرى، مثل كندا، بريطانيا، البرازيل، ألمانيا، سويسرا والمكسيك، لشكر الله على كل النعم وعلى حصاد المحاصيل وانتهاء فترات الجفاف.
الديك الرومي
وفق ما سجله حاكم ولاية ماساتشوستس ويليام برادفورد في كتابه “تاريخ مزارع بليموث”، لم تعتمد مائدة عيد الشكر الأول على الديك الرومي فحسب، فقد أحضر السكان الأصليين أيضاً أنواعاً مختلفة من الأسماك، بينما جلب آخرون لحم الغزال.
ولكن يظل اليوم الديك الرومي المشوي هو الطعام الأشهر في عيد الشكر، بجانب بعض الأطعمة التقليدية منها والبطاطا المهروسة وصلصة التوت البري أما بالنسبة للحلوى فأبرزها فطائر اليقطين والتفاح.
تشير تقديرات وزارة الزراعة الأمريكية إلى أنه يتم تناول ما يقرب من 46 مليون ديك رومي سنويًا كجزء من وجبات عيد الشكر .ويمثل ذلك حوالي 21% من حوالي 217 مليون ديك رومي يتم إنتاجها في الولايات المتحدة سنويًا.