هل يتكرر سيناريو انفجارات "البيجر" في العراق واليمن؟

هل يتكرر سيناريو انفجارات "البيجر" في العراق واليمن؟

عندما انفجرت أجهزة الاتصال اللاسلكي "البيجر" التي يستخدمها عناصر حزب الله اللبناني، وامتد تأثيرها إلى سوريا، في حادثة أثارت صدمة كبيرة بين أطراف ما يُعرف بمحور المقاومة، برزت تساؤلات عديدة، كان أبرزها: "هل يمكن أن يشمل الهجوم وحدة الساحات؟" في سياق مفهوم ما تروج له أطراف المحور المناهض لإسرائيل.

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من تشرين الأول الماضي، انخرطت الفصائل المسلحة، متمثلة بالمقاومة الإسلامية في العراق، وجماعة أنصار الله "الحوثي" في اليمن، وحزب الله اللبناني في الصراع، ضمن مفهوم "وحدة الساحات"، في إشارة لتكاتف أطراف محور المقاومة في المنطقة مع حركة حماس التي تسعى إسرائيل لتدميرها.

في هذا السياق، تم الإعلان عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة -الأولى من نوعها- تضم أطراف المحور لتنسيق العمليات وشن هجمات ضد المصالح الإسرائيلية والأميركية التي تدعمها. وهذا ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الأطراف تستخدم نفس التقنيات التي استهدفت بها إسرائيل حزب الله اللبناني، وما إذا كانت هذه الجهات قد تتعرض لهجوم مماثل.

التكهنات تنطلق من المشتركات الكثيرة بين أطراف المحور، سواء على مستوى الأسلحة التي توردها إيران أو الأساليب القتالية والهياكل التنظيمية، فضلاً عن إدامة التواصل بينهم وسلاسل التوريد اللوجستية التي بات يُنظر إليها على أنها ثغرات محتملة.

ولكن، في المقابل، تؤكد أطراف محور المقاومة في العراق واليمن أنهم يمتلكون إمكانيات كافية لحمايتهم من أي هجمات مماثلة، بالإضافة إلى عدم استخدامهم لنفس الأجهزة التي استُهدفت، إلا إذا "تم تفجير السامسونج والأيفون"، كما صرح بذلك المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء، المنضوية تحت مظلة "المقاومة الإسلامية في العراق"، كاظم الفرطوسي، في تصريح لشبكة رووداو الإعلامية، اليوم الخميس (19 أيلول 2024).

"البيجر لا يستخدم في العراق"

أكد الفرطوسي أن "المقاومة الإسلامية العراقية لا تستخدم في الأساس نوعية الأجهزة التي استُهدِف من خلالها حزب الله اللبناني، وهذه التقنيات غير مستخدمة من قبل الفصائل في العراق، بل تُستخدم فقط في لبنان". وأشار إلى أن "ما تعرضت له بعض الفصائل العراقية في السابق كان تفخيخ أجهزة اللاسلكي من قبل مختصين صينيين وكوريين أسسوا منظومة اتصالات خاصة بداعش، وليس كما حدث في لبنان". وأوضح أن "ما حدث في لبنان كان نتيجة تدخل فيزيائي، وليس سيبرانياً، أي تم لغم الأجهزة مسبقاً قبل توريدها للحزب".

وأضاف أنه "لا يوجد أي نوع من البطاريات يمكن أن يحدث انفجاراً بهذا الحجم كما حصل في لبنان، بما في ذلك بطاريات الصوديوم والليثيوم. وبالتالي، يُتوقع أن التفجيرات تمت عن طريق تلغيم الأجهزة من قبل إسرائيل، التي قد تكون اكتشفت عملية استيراد الأجهزة سابقاً".

"درس مهم"

من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لجماعة أنصار الله "الحوثي"، عبدالله النعمي، إن "ما حدث يُعتبر درساً مهماً للغاية، وبلا شك أن الجبهة اليمنية ستستفيد منه بشكل كبير، بعيداً عن أن الاحتياطات الأمنية والسيبرانية لدى الجبهة اليمنية أكبر من أن يتمكن العدو من اختراقها".

وأضاف النعمي، في حديث لرووداو، أن "الجماعة لديها خبرات كبيرة جداً في مجال الحماية السيبرانية، ومع ذلك، ستأخذ الجبهة اليمنية ما حدث بعناية كبيرة لتعزيز احتياطاتها الأمنية والسيبرانية".

أما بالنسبة لإمكانية استخدام جماعة أنصار الله نفس أجهزة الاتصال التي استُهدِفت في لبنان، أشار النعمي إلى أنه "ليس لديه علم بالأجهزة المستخدمة من قبل الجماعة، لكن التقارير العسكرية تؤكد وجود حماية كبيرة تمتلكها".

ما هو "البيجر"؟

خلال يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، قُتل 32 شخصاً وأصيب أكثر من 3250 آخرين جراء انفجار آلاف الأجهزة اللاسلكية من نوع "بيجر" و"أيكوم" في عدة مناطق بلبنان وسوريا، كان يستخدمها عناصر حزب الله اللبناني.

والـ"بيجر" هو جهاز صغير يُحمل في الجيب أو يُعلق على الخصر، وقد مضى على تصنيعه عقود وقل استخدامه بشكل كبير مع تقدم أجهزة التواصل الحديثة. لكن بعد الانفجارات الجماعية لأجهزة حزب الله، عاد إلى صدارة المنصات الرقمية وأصبح حديث خبراء التكنولوجيا.

وجهاز النداء "البيجر" هو جهاز اتصال لاسلكي يستقبل ويعرض رسائل نصية أو صوتية رقمية في النسخة الأكثر تطوراً منه. ويصدر الجهاز صوت تنبيه عندما يستقبل إشارة بوجود اتصال هاتفي بالشخص الذي يحمله، وبناءً على مدى تطور جهاز النداء، يمكنه إعادة إرسال الإشارة إلى الجهة التي قامت بالاتصال الأول.

ومع تراجع استخدام الـ"بيجر"، إلا أن لجوء حزب الله اللبناني لهذا النوع من التواصل يأتي في إطار تعزيز الحماية من الاختراقات، خصوصاً بعد سلسلة الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل ضد قيادات بارزة في الحزب مؤخراً.

 

 

المصدر: rudawarabia