نتنياهو أخطأ حين أضعف السلطة الفلسطينية متعمداً، وعمل على تقوية حماس

نتنياهو أخطأ حين أضعف السلطة الفلسطينية متعمداً، وعمل على تقوية حماس

 نتنياهو أخطأ حين أضعف السلطة الفلسطينية متعمداً، وعمل على تقوية حماس

بقلم: نوعا لنداو/ هآرتس

تصميم نتنياهو على وجود إسرائيل في محور فيلادلفيا بثمن التخلي عن المخطوفين في غزة الذين ما زالوا على قيد الحياة، هو مناورة وحشية حتى لشخص مقطوع عن الواقع وهزلي ويعيش على كوكب آخر؛ لأن السيطرة العسكرية لإسرائيل على محور فيلادلفيا، كما أوضح أمس وزير الدفاع يوآف غالنت، وكما أوضح أيضاً رئيس الأركان هرتسي هليفي للوزراء، ليست ضرورة أمنية على الإطلاق. يدور الحديث عن ضرورة سياسية. فنتنياهو يريد خلق معادلة وعي صادمة لقاعدته السياسية، باعتبارها الاحتمالية اليتيمة التي على الأجندة الآن؛ إما صفقة لتحرير المخطوفين أو الأمن الشخصي للمواطنين. أي أن صفقة تحرير المخطوفين ستضر بالأمن، لذلك يتخذ هذا القرار الصعب لمصلحة الكل المتخيل.

هذه المعادلة كذبة، لا لأن رؤساء جهاز الأمن والجيش يوضحون ذلك مراراً، أو لوجود أكثر من إجابة صحيحة واحدة للوضع المعقد الحالي، بل لأن علينا التذكر بأن الشخص الذي يبني حياته السياسية كلها على شعار “السيد أمن” سوق لعشرات السنين وبثبات بارع نموذجاً سياسياً – أمنياً أدى إلى نتيجة معاكسة كلياً. لم يفعل نتنياهو أي شيء قبل وبعد 7 أكتوبر للدفع قدماً بالأمن الشخصي لمواطني إسرائيل. ودليل ذلك، نطلب من مؤيديه بأن يسألوا أنفسهم ويردوا على أنفسهم بهدوء وبشكل نزيه: هل تشعرون الآن أنكم أكثر أمناً؟   

خلال سنوات حكمه، أخطأ نتنياهو في الاحتفاظ بالوضع الراهن، أي كنس كل مشكلة تحت السجاد المشتعل. فقد أضعف السلطة الفلسطينية متعمداً حتى عندما أظهرت استعداداً لتكون شريكة كاملة مع إسرائيل في التنسيق الأمني، بالتوازي عمل على تقوية حماس من خلال نظرية “فرق تسد”، واعتقد أنه يمكن الاحتفاظ بغزة كحظيرة إنسانية ثائرة ببضعة دولارات. ثم عمق الاحتلال بدون أفق سياسي، وألغى الاتفاق النووي الذي بقي بدون بديل. ووعد برؤيته الحميمة لدولة إسرائيل “إدارة الصراع” و”سنعيش على حد السيف”. نعم، نفذ الوعد الأخير. نتنياهو ليس “السيد أمن” أبداً، بل “السيد ركود وفوضى”.

عملياً، صفقة تحرير المخطوفين وإنهاء الحرب، جزء من الخيار الوحيد الذي سيضمن الأمن القابل للحياة على المدى البعيد؛ ففي نهاية المطاف، المحاربة إلى الأبد ليست حلاً وبحق. بعد عشرة أشهر على القتال، أصبح واضحاً بأن لا شيء اسمه “النصر المطلق” أو “تصفية العدو”، وأنه لا يمكن السيطرة عسكرياً على شعب آخر إلى الأبد، وأنه لا يمكن إقناع المجتمع الدولي بهذا النهج. محور فيلادلفيا خدعة شعبوية من مدرسة “النصر المطلق”. في عالم الكبار، الحقيقة أنه من غير المهم كم كانت كل حرب في بدايتها على حق، والرد العسكري بالتأكيد كان مبرراً بعد كارثة أكتوبر. في نهاية المطاف، كل نزاع ينتهي باتفاق، بالضبط مثلما انتهت كل جولة قتال في غزة حتى الآن باتفاق لوقف إطلاق النار، الذي أخفته حكومات نتنياهو عن الجمهور. بدلاً من الاعتراف بذلك والعمل على اتفاق موسع وطويل في الحوار مع الجهات البراغماتية، يفضل نتنياهو وضع لاصق خفيف في كل مرة، ويعزز العسكريين بالذات.

سيكون هناك متطرفون لن يرضيهم الاتفاق بالطبع؛ هؤلاء الذين يريدون فلسطين كاملة، وهؤلاء الذين يريدون إسرائيل كاملة. ولكن يمكن بلورة تفاهم مع الأغلبية من العقلانيين ومواصلة الدفاع عن أنفسنا من أقلية متطرفة وصغيرة ومعزولة على المستوى المحلي والدولي. لذلك، صفقة تحرير المخطوفين وإنهاء الحرب هي الخطوة الأولى للمضي بالأمن، في حين أن التخلي عنهم لصالح الاستيطان الأبدي في غزة هو الذي يضر بالأمن. إسرائيل لا يمكنها إخفاء مليوني فلسطيني. المعادلة الحقيقية هي: إما دائرة دموية لانهائية، أو اتفاق مستقبلي.

التمسك بالصفقة هو التمسك بدولة تحب الحياة وتلتزم بمواطنيها وبمستقبل أكثر أمناً، بدلاً من دولة تريد العيش على حد السيف إلى الأبد وتعظم الموت.