سرطان الثدي.. ناجيات ومحاربات يوقدن مشاعل الأمل
الخرطوم- في شهر أكتوبر أو (أكتوبر الوردي) يُتاح لنساء ناجيات من سرطان الثدي طيّ صفحة معاناتهنّ، والحديث بصوت عال لإظهار جانب القوة الكامنه في شخصياتهن وإصرارهن على مقاومة المرض.
وبمناسبة اليوم العالمي للتوعية بأهمية الكشف المبكر للوقاية من سرطان الثدي، كان من المهم استصحاب تجربة ناجيات من المرض يرسمن خيوط الشمس المشرقة بأمل وحب في نفوس بعض مريضات سرطان الثدي.
ويطل علينا أكتوبر الوردي من كل عام للتوعية بأهمية الفحص المبكر في العالم أجمع وللتنبيه بمخاطر المرض. وتركز الحملات الصحية في جميع أنحاء العالم على تثقيف الناس عموما والنساء بالاخص حول الوقاية من سرطان الثدي وعلاجه.
وتعتبر الناجيات نساء صامدات انتصرن على المرض وتغلبن على الخوف ونهضن من الآثار النفسية بأمل جديد وأصبحن مشاعل للتوعية بأهمية الكشف المبكر ورفع الوعي بتجاربهن ويعطين الأمل لكل المصابات بأنهن أقوى وينتصرن بإذن الله.
وبمناسبة اليوم العالمي للتوعية بأهمية الكشف المبكر استضافت /وكالة السودان للأنباء/ عدد من الناجيات من سرطان الثدي، تحدثًن عن تجاربهن في الحياة وكيف أنهن يحاربن من أجل أبنائهن ويكافحن الألم ويصارعن المرض فلهن التحية كأمهات محاربات وقويات ومكافحات بل ومقاتلات٠
والتقت سونا ببعضهن وحكين عن تجربتهن مع المرض:
تحكي لنا رفيعة أبراهيم التى تسكن حي النيل بنيالا جنوب دارفور غرب السودان بأنها أصيبت بسرطان الثدي في عام ٢٠١٦، واكتشفته بسبب وجود انتفاخ مثل (حبة البن) ظهرت بعد فطامها لرضيعها وقالت بعد إجراء موجات صوتية ظهر ورم حميد إلا أن عمتي الحت عليّ بإجراء العملية وبعد مرور شهرين أخدوا العينة وتم فحصها مرة أخرى في الخرطوم وكانت النتيجة ورم خبيث وطلب الطبيب مني التحدث لأحد أفراد العائلة وإخبارهم بالنتيجه، فرفضت وأخبرته بأنني لست خائفة وراضية بقدر الله فابلغني بأن الورم خبيث وعند إخباري لأهلي تحول منزلنا لبيت عزاء وتأثرت كثيرا ومرضت لمدة ١٥ يوما وتم تحويلي للخرطوم وأجريت لي عملية لإزالة الثدي.
وأضافت أن البداية كانت صعبة ولكن عندما رأيت حالات لمريضات أخريات حمدت الله وقلت أنا بخير، أخذت العلاج وفي رحلتي للاستشفاء تعرفت على أناس ومناطق كثيرة وأجريت عدة فحوصات بالسودان ومصر وأظهرت النتائج أنني تعافيت.
وبعد هذه التجربة والتعافي الآن أمارس تجارة الأواني المنزلية في الحي وفي فصل الخريف أعمل بالزراعة وتضيف لدي٤ّ أبناء وبنات أعمل على تعليمهم ليصبحوا أطباء لمساعدة المرضى و(المرض ما بيتخاف منه وهو شئ كتبه الله).
وفي الدمازين بإقليم النيل الأزرق قالت إبتهاج عبدالله 44 عاما موظفة بوزارة الثقافة والإعلام وأم لثلاثة أبناء : في العام ٢٠١٦ أحسست بطعنات متكررة في الجزء الأيسر أعلى مقدمة الثدي ولم أتوقع وجود علاقة بينها والثدي كنت خائفة أن يكون هناك مرض بالقلب، وكل ما تأتيني الطعنة أقول ربما من الجلوس غير الصحيح واتعذر بأعذار حتى أُطمئن نفسي وأصبحت تتكرر واستشرت بعض الزميلات ونصحوني بعمل خلطات بلدية (عجين مر)، وفعلا أحسست براحة، لكن الألم تكرر وضعفت صحتي.
أحسست بألم شديد وذهبت لمقابلة طبيب القلب لإجراء رسم للقلب اتضح أنه ليس هناك إشكالية في القلب، وبعد فترة من الزمن رجعت الآلام كسابق عهدها.
ذهبت لطبيب آخر وتم إجراء الفحص السريري وفعلا شك الطبيب في الألم وطلب إجراء موجات صوتية، وانتابني شعور بالقلق عندما نظرت للطبيب وشعرت بالارتباك لطريقة نظره للفحوصات وسألته هل هنالك شيء، وكرر الفحص عدة مرات، وظهرت النتيجة وقال هناك كتلة صغيرة بالثدي وفق الموجات الصوتية وليس هناك شئ مخيف، ولكن من الأفضل السفر للخرطوم لمزيد من التأكيد، في تلك اللحظة خفت وتوترت وإنتابتني حالة بكاء وقلت سوف أموت وأفقد أولادي وأهلي وزوجي، أخذت الصورة ورجعت البيت وتحول المنزل لبيت عزاء.
أتيت إلى الخرطوم وذهبت لأخصائي جراحة الثدي د. معاوية علي دبور وقال إن نسبة الورم،٥٠٪ حميد و٥٠٪ خبيث وأنتابني خوف وهلع، وفي نوفمبر٢٠١٦ أجريت لي عملية إزالة الثدي وكانت ناجحة.
وبدأت رحلة العلاج الكيماوي بمركز الخرطوم للأورام وأخذت الجرعة الأولى وكانت العلاجات متوفرة، بعد أن أخذت الجرعة الثانية بدأت أشعر بتغيير في صحتي وكانت صعبة وظهرت فيها آثار تساقط الشعر والرموش، وكنت حريصة ألا يراني أحد، وتجاوزت هذه المرحلة بدعم ودعوات الأسرة، على الرغم من صعوبة الجرعة ولكني تخطيتها بصبر وإيمان وأكملت العلاج على مرحلتين كل مرحلة ٤ جرعات المرحلة الأولى العلاج فيها كان قويا،أما المرحلة الثانية فالجرعة أخف من الأولى بدأ اللون وكذلك الشعر بدأ يعود تدريجيا، ثم انتقلت للمتابعات كل ٣ أشهر، 6 أشهرشهور، ثم سنة.
وفي الختام وجهت إبتهاج رسالة للنساء مفادها أن (الفحص المبكر حياة) وعند الشعور بألم في الثدي لا بد من مراجعة الطبيب خاصة العلاجات أصبحت متطورة، لا تسمحي للمرض يستفحل في جسمك وأتركي الخجل لكي لا تؤذي نفسك.
والتقينا أيضا بشذى دفع الله إحدى الناجيات من السرطان وقالت إن المرض ليس عيبا وهو أمر رباني ولا داعي للخجل منه، ووجهت رسالة للمرأة وللمريضات بالكشف المبكر حتى لا يصل المرض لمراحل متأخرة وهذا من أجل أسرهن الكبيرة والصغيرة وأضافت أن المريض في هذه المرحلة يحتاج للدعم من الأطباء والعائلة، وأشادت بالناجيات ووصفتهن بالقويات.
دعاء عبد الله أيضا من الناجيات قالت: بالعزيمة والقوة سوف تتعافى المريضات والمرض لا يقتل وهو ليس نهاية الحياة وطالبت النساء بعدم السكوت عند ظهور أي ورم في الثدي خوفا من المرض والمجتمع، موجهة النساء بالنظر لعائلتهن وأطفالهن وكيف سيكون حالهم بدونك،لذلك لا بد من الكشف المبكر للمرض تفاديا لمضاعفاته ، مشددة على ضرورة التوعية وأن الكشف المبكر هو العلاج.
وشهد السودان تدشين عدة فعاليات للتوعية والتي نظمتها العديد من المستشفيات وأفرع الصندوق القومي للتأمين الصحي بالولايات بمشاركة منظمات المجتمع المدني وأفرع منظمة (صدقات) وكاف للتنمية ومبادرون شباب من أجل التوعية وعين النبويةومبادرة الإعلامية لمياء متوكل التي جابت المدن والقرى للتوعية بأهمية الكشف المبكر والفحص الذاتي للثدي.
وخلال تدشين فعاليات التوعية بمستشفى الخرطوم لعلاج الأورام والذي يتم الاحتفال به سنوياً في شهر أكتوبر، كشف مدير عام المستشفى الخرطوم د.أحمد عمر أن عدد حالات التردد بسرطان الثدي بلغ (٩٥٢) حالة، مشيراً إلى أنه يحتل المرتبة الأولى بين أنواع السرطانات والأكثر شيوعاً. وشدد على ضرورة الكشف المبكر للمرض لاسهامه في تسهيل عملية الشفاء بنسبة عالية، كاشفا عن انواع للمرضى وهم، الناجون الذين تم شفاؤهم والمحاربون وهم الذين يتلقون العلاج.
واستعرض أعراض المرض وتشمل تغيراً في لون حلمة الثدى وشكلها وآلام الإبطين ونزول إفرازات من حلمة الثدي مع وجود كتلة بالثدي أو الإبط وتغير بالجلد فوق الثدي وزيادة السُمك وتغير حجم الثدي ووجود تقرحات.
وأشار دكتور أحمد إلى أن التشخيص يتم بعدة طرق منها الكشف السريري والأشعة التشخيصية وأشعة الثدي والموجات الصوتية والرنين المغناطيسي.
ويحدد الكادر المختص أي نوع من العلاج يناسب المريض أو صاحب الشكوى مؤكداً إستمرار الفعاليات التي تتضمن إقامة يوم مفتوح بساحة الحرية بالخرطوم وبرنامج ترفيهي وتثقيفي وماراثون رياضي.
واشاد بالجهود المبذولة من العاملين بالمستشفى رغم المشاكل والصعاب.
ومن جانبها قالت رئيس قسم الباحث الاجتماعي أماني منان إن التوعية بسرطان الثدي تتركز في العواصم الولائية أما في المناطق النائية فتصل التوعية متأخرة لافتة لأهمية التوعية بالمرض للمرأة والمجتمع المحيط بها مشيرة إلى ضعف التوعية والخوف من الوصمة الاجتماعية لأن الوعي بالمرض له أثره في ارتفاع نسبة الشفاء وأن دور الباحث الاجتماعي يكمن في مساعدة المرضى بعمل دراسة اجتماعية وإقتصادية لحل المشاكل الاجتماعية التي تؤثر سلباً عليهن.
وحذرت مديرة منظمة المرأة للوقاية والرعاية من السرطان الأستاذة خالدة كمال من تناول حبوب التسمين لدورها في الإصابة بمرض السرطان وخاصة سرطان المستقيم بسبب التحاميل عن طريق المستقيم مناشدة المرضى للذهاب للمستشفى وعدم اللجوء للدجالين والمشعوذين مما يتسبب في انتشار المرض وعدم السيطرة عليه لافتة أن الوصول المبكر للمستشفى يعتبر علاجا مشيرة إلى أن معظم المرضى من الولايات.
وتحدثت خالدة عن تجربتها مع الاصابة بسرطان الثدي وتلقيها العلاج في مستشفى الخرطوم وذلك في عام ٢٠٠٠ قائلة (ما بقتلك الا يومك) مطالبة المرضى بالإيجابية للاستجابة للعلاج.
ولمنظمة "صدقات" الخيرية دورها في تعزيز التوعية وإقامة فعاليات حول المرض كل عام وهذا العام يأتي الاحتفال تحت شعار "عشان بنحبك" لتكثيف التوعية بأهمية الكشف الذاتي والفحص المبكر للسرطان وكانت فعالية ماراثون 2000 خطوة للتوعية بالفحص المبكر لسرطان الثدي،بجانب ورشة للكوادر الطبية وتدريب الأطباء على إجراء الفحص المبكر وإقامة ورشة مناصرة مجتمعية لدعم قضايا مرضى سرطان الثدي،بمشاركة عدد من منظمات المجتمع المدني ونجوم المجتمع...وهم يرددون شعارات: (الكشف الذاتي حياة..أكشفي بدري، أكشفي وطمنينا عليك).
واستهلت منظمة (صدقات) شهر أكتوبر بتوقيعها على مذكرة تفاهم مع منظمة (كافا) للتنمية وبدعم من منظمة الأمم المتحدة للسكان لتنفيذ أنشطة للتوعية بالمرض.
وأكتوبر الوردي مبادرة عالمية بدأ العمل بها على المستوى الدولي في أكتوبر عام 2006 وتقوم مواقع حول العالم بإتخاذ اللون الزهري أوالوردي كشعار لها؛ من أجل التوعية بمخاطر سرطان الثدي ويتم عمل حملة خيرية دولية لرفع التوعية والدعم وتقديم المعلومات والمساندة ضد المرض.
عن (وفا)