القدس تنتصر لسيادتها
القدس- :بينما كان آلاف المستوطنين "يلوثون" أجواء مدينة القدس بأعلام الاحتلال، زينت طائرة تصوير "درون" صغيرة، سماء المدينة بعلم فلسطين، قبل أن تسقطها شرطة الاحتلال.
طائرة الـ"درون" حاملة العلم، لم تكن وحدها في "حرب" الأعلام التي كان أبطالها شبان وصبايا مقدسيون جابوا شارع صلاح الدين في مسيرة أعلام فلسطينية ردًّا على مسيرة الأعلام التهويدية التي شارك فيها عشرات آلاف المستوطنين تحت حماية ثلاثة آلاف جندي احتلالي بعدتهم وعتادهم.
إنها "حرب السيادة" على المدينة المقدسة، أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين، قال مراقبون ومهتمون بمتابعة وتطورات الأحداث الفلسطينية – الإسرائيلية.
هناك، في باب العامود، وأحياء البلدة القديمة، وشارع صلاح الدين، وحي الشيخ جراح، وسلوان.. وغيرها من الأحياء والبلدات المقدسية، بدا الاحتلال عاريا وارهابيا.. آلاف الجنود والمستوطنين المسلحين بأنياب عنصرية انفلتوا في عمليات عنف وعربدة وسط إطلاق هتافات عنصرية تدعو إلى القتل واستباحة المدينة.
رئيس الوزراء محمد اشتية، قال: إن ما جرى في مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك أمس، تحول كبير وخطير في حلقة الصراع مع الاحتلال، وان إسرائيل احتاجت أكثر من 3000 شرطي وجندي وحوالي 40 ألف مستوطن، لترفع علما في شوارع القدس.
على هذا النحو، كان مشهد طائرة الـ (درون)، وهي تحمل علم فلسطين، أكثر انسجامًا مع أجواء المدينة المقدسة، من التلوث السمعي والبصري الذي تسبب به المستوطنون في مسيرتهم الاستفزازية وهتافاتهم العنصرية ورقصاتهم المزعجة.
نحو ثمانين مقدسيًّا أصيبوا واعتقل العشرات، خلال تصديهم لـ "مسيرة الأعلام" التهويدية، التي انطلقت من منطقة باب العامود إلى البلدة القديمة، انتهاء إلى حائط البراق، ورغم هذه الحشود، واستدعاء قوات النخبة في جيش الاحتلال وتجنيد فرق الاحتياط، إلا أن المحتلين هزموا في معركة الهوية والسيادة التي لن تكون إلا للفلسطينيين على عاصمتهم التاريخية والأبدية، فتصدي المقدسيين بالعلم الفلسطيني، أثبت أن القدس كانت وما زالت وستبقى عاصمة فلسطين.
وقال مستشار الرئاسة لشؤون القدس أحمد الرويضي: "أراد رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بنيت من هذا المشهد الاستعراضي، لما يسمى "مسيرة الأعلام" أن يؤكد السيادة الإسرائيلية على القدس باعتبارها عاصمة دولة الاحتلال بشقيها، وأن يظهر أن الاحتلال هو صاحب القرار في المدينة، كما سعى الى فرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى المبارك، وإنهاء الوصاية الأردنية على المسجد، وإظهاره أنه تحت الإدارة الإسرائيلية".
وأضاف الرويضي في حديث لـ "وفا": "الهدف الآخر الذي سعى بنيت لتحقيقه، هو كسر إرادة المقدسيين، خصوصًا بعد رفع المشيعين في جنازتي الشهيدة شيرين أبو عاقلة ووليد الشريف، العلم الفلسطينيين، لهذا استخدم القوة والضرب والاعتداءات على الشبان والأطفال والنساء، من بينهن امرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة قبل مسيرة الإعلام بليلة، والمسنين، ورجال الإسعاف والصحفيين، ورغم حجم القوة والاعتداءات الهمجية فشل بنيت في تحقيق أهدافه، فمسيرة يحميها ثلاثة آلاف جندي لا تحدث إلا في مناطق محتلة، وبالتالي أثبت الواقع أن القدس مدينة محتلة".
وتابع: "وفي مشهد المسجد الأقصى المبارك، تناغم الموقف الأردني مع الموقف الفلسطيني، برفض أي تعديل على الوضع التاريخي القائم في المسجد، وفي ساعاتٍ متأخرة من أمس، خرجت أصوات إسرائيلية تطالب باحترام الوصاية الأردنية، وذلك لأن إرادة المقدسيين كانت أقوى، فالعلم الفلسطيني الذي رفرف فوق أسوار القدس، وباب العمود، عبر طائرة مسيرة، هذا المشهد أكد أن العلم الفلسطيني هو صاحب الأرض، وأن علم الاحتلال الذي رفعه المستوطنون بحماية آلاف الجنود، الذين أغلقوا المنطقة، واعتقلوا وضربوا واعتدوا ومنعوا أي فلسطيني من التحرك في القدس سيبقى رمزًا احتلاليا الى زوال".
وقال الرويضي: "أيضًا المسيرة في شارع صلاح الدين التي رفرف فيها العلم الفلسطيني على بعد مئتي متر فقط من باب العمود حيث يحتفل المحتلون باحتلال للمدينة، أعادت التأكيد على أن القدس مدينة محتلة وأن الفلسطيني في المدينة لن يقبل بأي حال من الأحوال أن تنتهك حقوقه وسيبقى راسخا في هذه المدينة مدافعًا عنها وعن مقدساتها وتاريخها ومستقبلها ودفاعًا عن المشروع الوطني الفلسطيني ودفاعًا عن حقه في إقامة دولته الفلسطينية وعاصمته القدس، وأيضًا عن حقه في حياة كريمة في مدينته".
وتعود فكرة "مسيرة الأعلام" الى الحاخام اليهودي "تسفي يهودا كوك" وتلامذة المدرسة الدينيّة المتطرفة "مركاز هراب"، التي تكونت فيها النواة الصلبة للمنظمات الاستيطانية المتطرّفة.
وبدأت المسيرة مع احتلال "إسرائيل" للجزء الشرقي من مدينة القدس، في أعقاب حزيران 1967، احتفالًا بما يسمى يوم "توحيد القدس"، الذي يعد "عيدًا وطنيًا" عند الاحتلال ومستوطنيه.
وفي عام 1968، نظم الاحتلال المسيرة الأولى احتفاءً بالذكرى السنوية الأولى لاحتلال مدينة القدس، بمشاركة عشرات المستوطنين فقط، ومن ثم تطورت لمئات المشاركين، حتى وصلت قبل عدة سنوات إلى نحو 30 ألف مشارك.
ومنذ ذلك الوقت، تقام المسيرة الاستفزازية كل عام لمناسبة هذه الذكرى، التي توافق هذا العام التاسع والعشرين من أيار الجاري، وفقًا للتقويم العبري.
الهبة الشعبية في القدس وفلسطين عمومًا هي للدفاع عن حق السيادة على المسجد الأقصى في وعن حق السيادة في العاصمة الفلسطينية المحتلة، التي لن تكون إلا لأصحاب الحق الأصليين.
عن (وفا)