الدرس الأخير
جنين- في التاسع من الشهر الجاري، كان الطلب الأخير لحنان خضور من والدتها عبير من بلدة فقوعة، السماح لها بالتوجه لمدينة جنين، لتلقي الدرس الأخير ضمن استعداداتها لامتحانات الثانوية العامة "التوجيهي"، بعد قرابة الشهرين.
ما أن وصلت خضور المكتب الذي تتلقى فيه دروسا خصوصية بالحي الشرقي في مدينة جنين حتى عادت أدراجها، نظرا لإغلاق المكتب إثر اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي المدينة، وما أن استقلت مركبة عمومية، حتى باغتتها رصاصة من قناص اعتلى أسطح إحدى البنايات، وفق ما توضح والدتها عبير خضور لـ"وفا".
وتشير الوالدة خضور إلى أن وحيدتها حنان، كانت تعلم بوجود الجيش بمدينة جنين، إلا أنها أصرت على الذهاب لأخذ الدرس الأخير في مواد الثانوية العامة، ولم ترد أن تكسر بخاطرها.
وأصيبت الشهيدة حنان بالرصاص الحي في البطن وجرى نقلها لمستشفى ابن سينا بالمدينة، وهي الضحية الثانية لعدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها في التاسع من نيسان الماضي، والتي أسفرت عن استشهاد الشاب أحمد ناصر السعدي وإصابة 13 أخرين بالرصاص الحي.
ولمدة عشرة أيام بقيت عائلة خضور تتعلق بالأمل بأن تعود الحياة لحنان التي أجريت لها عدة عمليات جراحية بمستشفى ابن سينا، استفاقت بها عدة مرات وقرأت خلالها القرآن، قبل أن يعلن عن استشهادها الليلة الماضية.
"نحن فخورين بحنان، والحمد لله وان شاء الله ربنا يجعلنا من الصابرين، الحمد لله نالت العزة والكرامة"، تضيف الوالدة المكلومة.
والشهيدة خضور (18 عاما) في الصف الثاني عشر، فرع الريادة والأعمال بمدرسة بنات الخنساء الثانوية في جنين، وكانت من أكثر الطالبات تميزا وجدا واجتهادا، متفوقة محبوبة بين زميلاتها ومعلماتها، وفق ما تؤكد مديرة المدرسة لـ"وفا".
رحلت حنان تاركة خلفها بطاقة جلوس لامتحان الثانوية العامة، وذكريات تجمعها ببنات مدرستها التي أغلقت أبوابها اليوم حدادا على روح ابنتها.
وتشير والدتها، إلى أن أمنية حنان كانت أن تنتهي من تقديم امتحانات الثانوية العامة وأن تحصل على معدل تفرح فيه عائلتها، وتلتحق بكلية الاقتصاد لدراسة التسويق، إلا أن رصاص المحتل نسف الحلم، وبقي مقعدها فارغا.
وتضيف: "حنان كانت أمل العائلة وحيدتي من البنات بين ثلاثة أشقاء، وأول فرحتي بالثانوية العامة، طموحة بمعدل يرفع معنويات العائلة، لكن ضاع الحلم في ظل الاحتلال".
"18 عاما ربيت فيها حنان برموش عنينا، لكن نصيبنا كشعب فلسطين مازال الاحتلال موجود"، تؤكد الأم.
وشيعت جماهير شعبنا بمحافظة جنين جثمان الشهيدة خضور بجنازة مهيبة انطلقت من مستشفى ابن سينا بعد منتصف الليل وجابت شوارع المدينة ومخيمها، قبل أن تنقل لمسقط رأسها فقوعة، حيث ألقيت نظرة الوداع الأخيرة عليها بمنزل عليها، قبل أن يصلى عليها وتوارى الثرى بمقبرة القرية.
ونعت وزارة التربية والتعليم الطالبة خضور، مؤكدة أن استهداف الأطفال والطلبة وملاحقتهم وقتلهم واعتقالهم هي جرائم حرب بحق الأطفال، وأن ذلك يتطلب اتخاذ موقف رادع وحازم، خاصة في ظل الاستهداف المتواصل لهم وحرمانهم من نيل تعليمهم الحر والأمن أسوة بأطفال العالم.
ودعت الوزارة كافة المؤسسات الدولية والمحلية والحقوقية لتوفير الحماية والمناصرة لطلبة المدارس والأطفال، بما يضمن الحق بحياة كريمة خالية من العنف والإرهاب الذي تمارسه السلطة القائمة بالاحتلال والمستوطنين.
عن (وفا)