حرب رقمية تشنها مواقع التواصل الاجتماعي على الفلسطينيين
يواجه الفلسطينيون ونشطاء التواصل الاجتماعي مضايقات جمة من قبل مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تستمر إدارات هذه المواقع بانتهاك حقوق الفلسطينيين في التعبير عن توجهاتهم وآرائهم وحرية النشر فيها، من خلال فرض عقوبات متنوعة على المحتوى الفلسطيني الرقمي.
تكميم أفواه النشطاء
وأكد آدم شابيرو رئيس مكتب الاتصالات والإعلام بمنظمة (فرونت لاين ديفندرز) أن التطورات في فلسطين أدت بشركات مثل فيسبوك لأن تعكف على تكميم أفواه النشطاء وتحجب محتواهم فأصبحت أشبه بـ”دكتاتور رقمي” وهذا ما يجب التصدي له.
وأضاف "أن ادارة شركة ميتا تواصلت منذ سنوات مع حكومة إسرائيل وتم تأسيس فريق رصد يهدف لتغيير ما يسمى بالمحتوى “المحرض على العنف” على فيسبوك. ويتم تعريف مفهومي “الإرهاب” و”التحريض” في هذا السياق بحسب تعريف إسرائيل لهما.
انحياز شبكات التواصل الاجتماعي
وقال نديم الناشف، مدير المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (غير حكومي)، إن "القيود والتعقيدات بشأن المحتوى الفلسطيني ستتصاعد بالفترة المقبلة، بسبب عمل إسرائيل على محاربة وشيطنة الرواية الفلسطينية وربطها بالإرهاب".
وأضاف الناشف، إن "المحتوى الرقمي الفلسطيني يتعرض للتمييز بسبب التأثير القوي للمؤسسات الصهيونية والقوى الكبرى في العالم على الشركات التي تدير شبكات التواصل الاجتماعي".
وأشار الى أن مجموعة بحثية في جامعة سان فرانسسكو الأمريكية دعت إلى تنظيم ندوة حوارية رقمية على منصة "زوم"، فقامت جمعيات تتبع للوبي الصهيوني بالولايات المتحدة بالضغط على المنصة، لمنع إقامة الندوة، بسبب مشاركة المسؤولة البارزة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ليلى خالد، فيها.
وأوضح أن تلك الجمعيات استندت إلى الادعاء بأن "القانون الأميركي يمنع استضافة أشخاص تم إدراجهم على قائمة الإرهاب"، في إشارة إلى ليلى خالد.
وقال الناشف، إن "هذه الحادثة دليل واضح على انحياز شبكات التواصل الاجتماعي".
"#عدالة-رقمية
ودشنت الحملة الدولية لحماية المحتوى الفلسطيني،حملة إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وسم "#عدالة-رقمية"، رفضاً للاستهداف المتكرر للمحتوى الفلسطيني من إدارات مواقع التواصل، وذلك بمشاركة نشطاء وصحفيين.
واتهم مغردون عبر وسم "عدالة رقمية"، مواقع التواصل الاجتماعي بالانحياز للاحتلال الإسرائيلي، بالرغم من الجرائم التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني.
وكتب الناشط خالد صافي في تغريدة على وسم الحملة "نتعرض في العالم الرقمي لحذف صفحات بالجملة، منع من البث المباشر، إيقاف الحساب لمجرد نشر صورة سكين أو كتابة كلمة محظورة، على حسب زعمهم".
وقال: "تهدف حملات الاحتلال تلك لإزالة الوجود الرقمي الفلسطيني وتحييد الرواية الفلسطينية بشكل كامل في الفضاء الأزرق والأحمر".
غرف احتلال للتبليغ عن المحتوى الفلسطيني
بدورها، قالت المنسقة الإعلامية في مركز "صدى سوشال" نداء بسومي إن المركز أبلغ في الفترة الأخيرة عن انتهاكات رقمية للحسابات، والمحتوى الفلسطيني بشكل مكثف، وهذه الانتهاكات تنوعت ما بين حظر، وتقييد نشر، ووصول وتقييد بعض الخصائص مثل البث المباشر والإعلانات، ووثق المركز خلال 72 ساعة، بعد اقتحام البلدة القديمة في نابلس واغتيال ثلاثة شبان، أكثر من 320 انتهاكا بحق المحتوى الفلسطيني على منصتي "فيس بوك" و"انستغرام"، إضافة إلى 62 انتهاكا على منصة "تويتر".
وبينت أن الأمر لا يقتصر على سياسة منصات التواصل الاجتماعي، إذ يجند الاحتلال مستوطنين وغرف خاصة، للتبليغ عن المحتوى الفلسطيني، على سبيل المثال، تقييد الحسابات التي تنشر صورة أم الشهيد النابلسي، بالرغم من أنه لا يوجد فيها انتهاك لمعايير تلك المنصات.
اعتراف بالتحيز ضد المحتوى الفلسطيني
وفي تقرير صادر عن منظمة BSR التي تقدم المشورة بشأن قضايا الاستدامة والقيم الاجتماعية بتكليف من شركة ميتا إن أنظمة تطبيق المحتوى في ميتا عانت من التحيز إلى المحتوى العبري الاسرائيلي مقارنة بنظيره الفلسطيني العربي خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في شهر مايو (أيار) 2021.
وأضاف التقرير أن التحيز أضر بحقوق الإنسان للمستخدمين الفلسطينيين على فيسبوك وواتساب وانستغرام وأثر على قدرتهم على مشاركة المعلومات والأفكار بشكل حقيقي.
وأشارت نتائج الدراسة التي أجرتها الشركة إلى عدم المساواة في تطبيق سياسة محتوى ميتا فيما يتعلق بالمحتوى العربي مقارنة بالمحتوى العبري.
وأوضح التقرير أن إجراءات ميتا أثر سلباً على حقوق الإنسان للمستخدمين الفلسطينيين في الحرية التعبير، والتظاهر، والمشاركة السياسية، وعدم التمييز، ومشاركة المعلومات والأفكار حول تجاربهم أثناء حدوثها من خلال الافراط بالعقوبات على الحسابات وإزالة المحتوى.
معدلات المراقبة الاستباقية للمحتوى أعلى بكثير من المحتوى العبري
ولفت التقرير إلى أن معدلات المراقبة الاستباقية للمحتوى العربي المحتمل انتهاكه كانت أعلى بكثير من معدلات المراقبة الاستباقية للمحتوى العبري المحتمل انتهاكه، والذي يمكن أن يُعزى في جزء كبير منه إلى سياسة "ميتا" التي تتضمن التزامات قانونية معينة تتعلق بمنظمات إرهابية أجنبية محددة، وحقيقة أن هناك مصنفاً معادياً باللغة العربية ولكن لم يُصنَّف على أنه تعبير معادٍ في اللغة العبرية.
ونوه إلى أنه من الممكن أن يكون للمصنفات العبرية معدلات خطأ أعلى مقارنة باللغة العربية الفلسطينية وأن المحتوى العربي لا يتم توجيهه إلى الزائرين الذين يفهمون اللهجة المحددة، كأسباب محتملة إضافية للإفراط في التطبيق.
وأكد على وجود نقص في إنفاذ المحتوى باللغة العربية مقارنة بنظيره العبري “على سبيل المثال في حالات التحريض على العنف ضد الإسرائيليين وكلمات المديح لحماس”.
وشدد التقرير على أن ميتا لم يكن لديها ما يكفي من أدوات التحكم في المحتوى باللغتين العبرية والعربية من أجل التعامل مع الزيادة الحادة في عدد الحالات المسجلة خلال فترة العدوان على غزة حتى 10 مرات مقارنة بالأيام العادية.
عدم وجود إشراف في "ميتا" سمح بارتكاب أخطاء
واستطرد التقرير “إن عدم وجود إشراف في ميتا سمح بارتكاب أخطاء في تطبيق سياسة المحتوى كان لها عواقب وخيمة. ومن الأمثلة الرئيسية أن موظف خدمات التعهيد في ميتا أضاف #AlAqsa إلى قائمة العلامات المحظورة، بناءً على قائمة وزارة الخزانة الأمريكية التي أشارت إلى “كتائب الأقصى”. نتيجة لذلك، تم إخفاء علامة #Aqsa من نتائج البحث. وفي الواقع ، تم استخدام العلامة على نطاق واسع في التدوينات التي تشير إلى المسجد الأقصى، وهو من أقدس المواقع الإسلامية “.
وفيما يتعلق بالتحريض على العنف والتشجيع عليه على تطبيق واتساب، ذكر التقرير: “كان هناك صحفيون وأكاديميون تم تعطيل حساباتهم على "واتس آب" عن غير قصد نتيجة لنشاط إنفاذ مناسب ضد مجموعات من المنظمات الإرهابية المعلنة. وعندما تم لفت انتباه واتساب إلى أنه تم تعطيل هذه الحسابات عن طريق الخطأ ، تمت إعادتها “.
ولم يجد التقرير أي تحيز متعمد على أساس العرق أو العرق أو الجنسية أو الدين في الموظفين المعنيين، أو في تطوير وتنفيذ السياسة.
وأوصى التقرير بـ25 نصيحة تشمل ضرورة قصر محتوى سياسة DOI على دعم أو تمثيل المنظمات الخطرة، وزيادة الشفافية تجاه المستخدمين، مثل تقديم أسباب محددة لتنفيذ الإجراءات ونشر العناصر الداخلية التي على أساسها يفسر مراقبو المحتوى السياسة الوصفية، وإجراء تغييرات تشغيلية، مثل إنشاء آليات لتحسين توجيه المحتوى العربي وفتح عملية مراقبة جودة داخلية لإضافة عناصر جديدة إلى قائمة المحظورات العلامات / الكلمات الرئيسية.
سياسة ممنهجة ضد المحتوى الفلسطيني
وفي بيان سابق استنكرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين استمرار تعدي عدد من مواقع التواصل الاجتماعي والتراسل الفوري، على المحتوى الفلسطيني من خلال حظر وتحديد الصلاحيات لعشرات الصحفيين.
وقالت نقابة الصحفيين ، أن استمرار ملاحقة والتعدي على المحتوى الفلسطيني بالحظر والحذف والتحديد من النشر، سياسة ممنهجة تتبعها شركة "ميتا" العالمية والتي تشير لتواطئ معلن بين منظومة الاحتلال السياسية والأمنية ومنصات التواصل الاجتماعي، الهادفة لإلغاء الرواية الفلسطينية عبر استهداف المحتوى الفلسطيني على هذه المنصات. وطالبت النقابة، الحكومة الفلسطينية ممثلة بوزارة الاتصالات باتخاذ إجراءات وسن تشريعات للرد على هذه المنصات، ودعوة القطاع الخاص للتوقف عن دفع الأموال لهذه المنصات بغرض الإعلان، وهي التي تتنكر لدماء شهدائنا وتصطف مع الاحتلال الإسرائيلي.