وصايا الغيث
نابلس- لم يصطف طلبة الصف العاشر بمدرسة عبد الحميد السايح بمدينة نابلس بالطابور الصباحي هذا اليوم، بل على مقاعد حديدية أمام ثلاجة الموتى بمستشفى رفيديا الحكومي، في انتظار خروج جثمان زميلهم الشهيد غيث رفيق يامين (16 عاما)، فيما خيمت مشاهد الصدمة عليهم.
كان من المفترض أن يكون يامين وزملاؤه في غرفة الصف لتأدية امتحان مبحث اللغة الإنجليزية اليوم، لكنه نال الشهادة التي تمناها وفق زملائه، بعدما غيبه رصاص قناصة الاحتلال خلال مواجهات شهدتها المنطقة الشرقية في المدينة فجرا.
يروي محمد عامودي صديق الشهيد اللحظات الأخيرة التي جمعتهما قبل الإصابة والاستشهاد لاحقا، بأن قناص الاحتلال استهدف يامين بالرصاص في الرأس أثناء وقوفه على أسطح إحدى المباني دون أن يشكل أي خطر عليهم، حيث اخترق الرصاص جبهته الأمامية وخرجت من الخلف.
ويشير عامودي إلى أن رفيق عمره، تأثر كثيرا باغتيال قوات الاحتلال الشهداء الثلاثة محمد الدخيل وأدهم مبروك وأشرف مبسلط في فبراير الماضي، خاصة الدخيل الذي جمعته به الصداقة، فكان يرتدي قلادة تحمل صورته، وقبيل استشهاد بساعات التقط فيديو بجانب قبره وطلب من أصدقائه نشره حال استشهاده.
أمام ثلاجة الموتى، بالبكاء والدموع على فلذة كبدها والدعاء له بالرحمة، طلبت والدة الشهيد يامين من زملائه زيارته دوما، فيما تعالت أصوات تكبيراتهم وحالة الحسرة تكسو وجوههم والدموع تنهمر من أعينهم، محلقين أنظارهم على مدخل الثلاجة في انتظار حضن الوداع الأخير.
ويقول زميل الشهيد يامين، الطالب مصطفى اللدودي لـ"وفا"، بأن "الاحتلال خطف غيث المحبوب من الجميع، خطف ابن صفي وجاري بالحي، غيث كان يحلم أن يتعلم مهنة ويخطط لمستقبل كبقية الأطفال".
ويصف مدرس الشهيد غيث، ناجي عصيدة بأنه كان مثالا للأخلاق، وللتعامل الطيب مع أساتذته ومديره وزملائه، كان صغير السن لكنه يحمل معنى الرجولة، ففي قلبه هم وطنه والدفاع عن أرضه، أرض فلسطين، وكان مثالا للطالب المجتهد المثابر.
ووفق والد الشهيد غيث، رفيق يامين، فقد تلقت العائلة في الواحدة والنصف فجرأ نبأ إصابته برصاص متفجر اخترق رأسه، وأدى لاستشهاده، مضيفا "الحمد لله ابني شهيد، والوطن بدو تضحية وشباب وإن شاء الله يكون مثمر للوطن ولحالنا".
وتابع: "الحمد لله، غيث محبوب من الجميع ونجمه خفيف للجميع، والشهداء أكرم منا جميعا ونتأمل ألا تذهب دماؤهم هدرا، نحن على الدرب هذا حتى التحرير".
وقبيل استشهاد يامين بساعات، ترك وصية على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "انستغرام": "إذا مت، لا تنسوا أن لا تضعوني في ثلاجة الموتى لأنني لا أحب البرد، واختاروا لي مكانا للدفن يوجد فيه أطفال لكي لا أبقى لوحدي".
وأضاف غيث في وصيته: "حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي، اتركوها مفتوحة لأنني لا أريد أن ينساني أحد، وهناك إسوارتي المفضلة تحت مخدتي لا تضيعوها، عادي إذا وزعتوا قرآن عن روحي مكتوب في الصفحة الأولى إسمي، وتعالوا كل يوم زوروني واحكوا معي رح أكون اسمعكم، وما تبكوا لأنو ما بحب حدا أنو يبكي بسببي".
عن (وفا)