عريس مع وقف التنفيذ

عريس مع وقف التنفيذ

قلقيلية- أمام عتبة بيتها القديم في مدينة قلقيلية، تجلس والدة الشهيد "رابي رابي"، وسط أنين النسوة اللواتي جئن ليشددن من أزرها، وتصرخ بصوت عال، "رابي سيعود قريبا".

تذرف الأم المكلومة دموع الألم على فلذة كبدها الذي وضع الاحتلال حدا لحياته ضمن سياسته الممنهجة بالقتل دون أي اعتبار وتحت أي ظرف.

"هو يحب المزاح والمقالب المضحكة، وعادة ما يقول لها إنه سيبقى في عمله أكثر من أسبوع لكنه يفاجئها بحضوره وبيده هدية يفرح فيها مبسم والدته، ويطمئن قلبه عندما يسمع منها العبارة الأكثر حبا له، وهي "الله يرضى عنك يما"، قالت الوالدة.

لم تتوقف أبدا عن الحديث عنه وعن طيبته وأخلاقه العالية وخفة دمه التي عرف بها بين أشقائه الستة، والتي جعلته الأقرب لهم جميعا، فهو الذي كان يخفف كثيراً من آلامهم وأوجاعهم وقلقهم بوقوفه جانبهم ودعمه لهم في كل الأحوال.

كان إخوته ينتظرون بفارغ الصبر ان يفرحوا به، لذلك كانت الأم تردد كثيرا: "لمين يا عمري جهزت المهر والبيت والعروس، بدنا نفرح فيك، هيني بجهز بالزينة، وكل الحارة بتستنى تفرح بعرسك".

أما شقيقته الصغرى "نارين"، ذات الـ18 عاما، التي اعتادت ان تهتم به وباحتياجاته واختارت له عروسه، فتحتضن والدتها، والدموع تنهمر من عينيها، تحاول تهدأتها واضعة يدها على كتفيها وتنظر لها بعينيها البريئتين، وتهمس بأذنها قائلة: "رابي ما مات، رابي استشهد وربنا اخترله اليوم عرسه، لازم تفرحي".

لا تستطيع والدة رابي، ان تصدق انها فقدت نجلها ابن الـ 32 عاما، بين ليلة وضحاها، بينما كان في طريقه عصر أمس لعمله في أراضي 48، ليؤمن قوت يومه، ويستعد لعقد قرانه الجمعة المقبلة.

وفي تفاصيل الجريمة التي ارتكبها الاحتلال، ذكر الشهود أنه وبعد اجتيازه جدار الفصل العنصري الواقع جنوب شرق قلقيلية، استقل المركبة التي كانت تنتظره لتوصله الى عمله، وما هي إلا ثوان حتى أصابته رصاصة واحدة في الرأس كانت كفيلة بإنهاء حياته، فسقط شهيدا.

ورغم الإذلال والمعاناة والمخاطرة قرب الجدار، عاد رابي محمولا على الأكتاف ليكون شهيدا جديدا في سبيل لقمة العيش.

وفي تعقيبه على الجريمة، قال الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين شاهر سعد، إن الاحتلال صعد من وتيرة إطلاق الرصاص الحي في الآونة الأخيرة على العمال بالقرب من الحواجز والمعابر، حيث وصل عدد الشهداء العمال منذ بداية العام الى 13 شهيدا تم استهدافهم وقتلهم بدم بارد.

وأضاف أن هذه الحادثة شاهدة على حجم المعاناة التي يواجهها العامل الفلسطيني، حيث ان أكثر من 10 آلاف عامل في محافظة قلقيلية، يعملون في أراضي 48، وهم معرضون يوميا لهذه الحوادث والانتهاكات الإسرائيلية دون أن يجدوا من يرعى حقوقهم التي كفلتها القوانين الدولية.

وطالب سعد بتوفير الحماية للعمال الذين يعملون من أجل توفير لقمة العيش لهم ولعائلاتهم، ويتعرضون للموت تحت مبررات واهية.

عن (وفا)