نتنياهو ديكتاتور يظهر بالانتصارات ويرسل هاغاري لنقل الهزائم

نتنياهو ديكتاتور يظهر بالانتصارات ويرسل هاغاري لنقل الهزائم

 "نتنياهو ديكتاتور" يظهر بالانتصارات ويرسل هاغاري لنقل الهزائم

بقلم: عاموس هرئيل/ هآرتس

مرحباً يا أبناء الصف الأول، سنتعلم اليوم درس التخلي عن الأخوة والأخوات. قليل من الاحتفالية التي بقيت من أحداث افتتاح السنة الدراسية صباح أمس، 1 أيلول، أخذت منها في الليلة الأخيرة عندما بدأت البشرى السيئة تتسرب من رفح، ستة مخطوفين بقوا على قيد الحياة طوال 11 شهراً في أنفاق حماس رغم الأعمال الفظيعة التي مرت عليهم في الأسر، ولكن تم إعدامهم في الأيام الأخيرة على يد حراسهم.

عندما وصل جنود الكوماندوز البحري إلى النفق، أصبح الوقت متأخراً جداً. لم يبق في المكان سوى جثث لامرأتين وأربعة رجال. واحدة من سكان “كيبوتس”، والآخرون كانوا في الحفل، الذي بقي عدد قليل من الناجين منه على قيد الحياة في جهنم غزة.

عملياً، هناك خوف معقول من أن عملية الجيش الإسرائيلي الأخيرة في رفح، للبحث عن المخطوفين، هي التي جعلت حماس تقرر قتل المواطنين الستة الإسرائيليين. يمكن التقدير بأن هذا أصبح أسلوب عمل ثابتاً، وأنه تبلور بعد عمليات إنقاذ ناجحة نفذها الجيش في الأشهر الأخيرة – قتل المخطوفين إذا اقترب الجنود؛ لحرمان إسرائيل من أي إنجاز محتمل. هذه جريمة حرب فظيعة. نأمل بأن يدفع كبار قادة حماس كلهم، من السنوار فما دونه، ثمناً عن دورهم في هذه الأفعال.

تسلسل الأحداث الأخيرة يضع جلسة الكابنت التي عقدت الخميس الماضي في ضوء مختلف قليلاً. رئيس الحكومة نتنياهو، نفذ هناك انقلاباً سريعاً أدى إلى المصادقة على مشروع قرار يبقي قوات الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا. وزير الدفاع غالنت، عارض ذلك بالصراخ: نتنياهو فرض على القيادة العليا في الجيش خارطة انتشار لم يرغب الضباط بها. “رئيس الحكومة يمكنه اتخاذ أي قرار، ويمكنه أيضاً تقرير قتل جميع المخطوفين”، قال وزير الدفاع.

بأثر رجعي، يبدو هذا كتحذير مما سيحدث في المستقبل بعد يوم ونصف. هل سبق لغالنت أن تنبأ أو عرف بأن تصميم نتنياهو على الضغط العسكري للتوصل إلى تحرير مخطوفين آخرين، سيؤدي إلى موت عدد منهم؟ كان صوت غالنت وحيداً. أما أعضاء الكابنت الآخرون فقد انشغلوا في تملقهم لرئيس الحكومة والمطالبة برد اعتباره من وزير الدفاع. عندما صوت غالنت ضد وزير الأمن الوطني بن غفير، امتنع. ولكن بالنسبة له، يدور الحديث عن اعتبارات أنانية ولفت واضح للانتباه. أي اعتبار موضوعي بعيد عنه.

يغلف نتنياهو مواقفه بالمبررات الأمنية. ويبدو أن الاحتفاظ بمحور فيلادلفيا وحده ما سيمنع إعادة تسلح حماس، وأن الاحتفاظ بممر نتساريم وحده ما سيمنع انتقال المخربين المسلحين من العودة إلى شمال القطاع. عملياً، ثمة شك في تحقيق هذه الخطوات لأهدافها العلنية. يقول كبار قادة الجيش و”الشاباك” بأنه إذا تفجرت المحادثات بعد انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة (إطلاق سراح “المجموعة الإنسانية” من المخطوفين) فبالإمكان احتلال محور فيلادلفيا ونتساريم مرة أخرى، بتكلفة متدنية نسبياً. يمكن الجدال حول من هو محق في هذا الخلاف الأمني. يصعب تجاهل أن ما يحرك رئيس الحكومة هي اعتبارات بقائه الشخصي. ولإعاقة الإجراءات الجنائية أثناء محاكمته، فإنه غارق في الحفاظ على الائتلاف بأي ثمن (اليمين المتطرف يهدد بالانسحاب من الحكومة إذا تم الاتفاق على الانسحاب وتحرير جماعي للسجناء الفلسطينيين).

لا يمكن -حيث موجة غضب كبيرة تسيطر على جمهور واسع في إسرائيل- تجاهل ما حدث هنا لروح التضامن التي تقف في مركز وجود الدولة. في 7 أكتوبر، تم التخلي عن مدنيين كانوا في بيوتهم في الغلاف وفي الحفلة وفي مواقع الجيش الإسرائيلي وفي الدبابات، التي تم إبقاء قوات صغيرة فيها ليست مناسبة لمهمة الدفاع أمام هجوم واسع لحماس. أمس، تمت معرفة نتائج الإهمال الثاني، الذي لا رجعة عنه، هذا عار أخلاقي ملقى على كل القيادة، وعلى رأسها نتنياهو. فالجيش أيضاً شريك في ذلك؛ لأنه يواصل البحث عن عمليات بطولية لإنقاذ مخطوفين من جهة، ومن جهة أخرى يشق الطرق في المحاور التي يريد نتنياهو الاحتفاظ بها إلى الأبد.

       دكتاتور في طور التشكل

ثمة شائعات حول اكتشاف الجثث بدأت تنتشر مساء أمس، في الوقت الذي تجمعت فيه عائلات المخطوفين لاجتماع آخر حزين قرب “الكرياه” في تل أبيب. ولأنه لم يتم إخراجهم بعد من النفق، اضطر الجيش للحفاظ على غموض ما. وحدة المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، بضغط كبير من وسائل الإعلام، أصدر بعد الساعة 11 ليلاً بياناً قصيراً تحدث فيه عن العثور على جثث، بدون تفاصيل. مكتب رئيس الحكومة كان منشغلاً في حينه في شؤون ملحة أكثر- نفي ادعاء يفيد بالاتفاق على وقف إنساني لإطلاق النار من أجل البدء في عملية التطعيم ضد شلل الأطفال، الذي انتشر في القطاع مجدداً بسبب الحرب. تم الحفاظ على الهدف الأول –يجب أن يظهر نتنياهو متصلباً في نظر القاعدة. في الصباح، أُرسل المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي العميد دانيال هاجاري إلى الجمهور، كالعادة مع أنباء سيئة. ومثلما في 7 أكتوبر في الساعات الأولى، اختفى نتنياهو عن أنظار الجمهور. وزيارته التقليدية بمناسبة افتتاح السنة الدراسية التي خُطط لإجرائها في مدرسة “غواتيمالا” في “كريات يوفيل” في القدس، ألغيت. قبل الظهر، نشر رئيس الحكومة فيديو سجله مسبقاً.

وجاء في هذا الفيديو كل ما يمكن تخمينه مسبقاً: حماس تتحمل الذنب عن كل شيء، وأفعالها تثبت بأنها لا تريد الصفقة؛ تم هدر دماء قادتها، وسنطاردهم حتى آخرهم. قبل نشر البيان، قالت هيئة عائلات المخطوفين إنها تنتظر من نتنياهو تحمل المسؤولية، وبياناً حول نيته العودة والمضي بالمفاوضات. لولا الظروف لقيل إن سذاجة العائلات كانت مسلية. أين هو وأين إسحق رابين، الذي ببيان قصير للشعب قبل ثلاثين سنة تحمل المسؤولية عن فشل عملية إنقاذ نحشون فاكسمان. في الظهيرة، شاهدت فيلم نتنياهو القصير. ظهر الشخص مثل دكتاتور في طور التشكل. وكان من الواضح أنه لا يشعر بأي واجب تجاه مواطنيه، وأنه فقد القدرة على التماهي مع خوفهم وألمهم منذ فترة بعيدة. إذا كان راضياً عن رؤساء جهاز الأمن المتملقين حسب رأيه، فقد كان يجدر به تولي إجراء المفاوضات بنفسه حول الصفقة، ويظهر لهم كيف يمكن الحصول على شروط أفضل من حماس ومن دول الوساطة. لكن هذا لم ولن يحدث بالطبع. من الأسهل إلقاء مسؤولية الفشل على المستويات المهنية.

 إعادة جثث المخطوفين الستة حدث يثير القشعريرة، ولا يمكن استيعابه – مع ذلك، كان متوقعاً. في الخلفية، الضفة الغربية تسخن، قتل ثلاثة رجال من الشرطة صباح أمس في عملية إطلاق نار غربي الخليل، وقتل جندي في جنين أمس. أول أمس، تم إحباط عملية بواسطة سيارتين مفخختين في “غوش عصيون”. رغم سلسلة من الأنباء السيئة، تحاول هيئة عائلات المخطوفين هذا المساء إعادة الجمهور إلى الشوارع وتصعيد النضال. وهذا سيحدث رغم محاولة شرطة بن غفير فرض الرعب على المتظاهرين ووضع العقبات أمام الاحتجاج. إذا لم يتم تأجيج روح الحرب مرة أخرى كما حدث في ليلة غالنت في آذار السنة الماضية، فسنعرف أن الأمر أصبح ضائعاً.